هناك عادة محور في كل جمع ضاحك مرح , و احتمال يوازي تسعة من عشرة بأن يكون المحور شخصا مولودا في برج القوس . و إذا تبين بالإضافة إلى ذلك أنه يتمتع بوجه منفتح و جبهة عريضة , و أنه يقوم بحركات مرتبكة خالية من الرشاقة , أمكن التأكد عندئذ من أنه مولود في برج القوس .
جميع الصفات التي ينطوي عليها هذا الإنسان تؤهله لأن يكون طفلا كبيرا . فهو مرح صادق صريح طيب القلب , يعبر ببراءة متناهية عما يدور في خاطره , و يرفض اعتماد الأساليب الملتوية , و يحرج الآخرين , و يستغرب نقمتهم عليه , و يعتذر من هفواته التي ينساها بعد حين ثم يكررها , و هكذا . . . إنه رياضي المظهر يشبه إلى حد ما الجواد أو المهر و خصوصا بخصلة شعره المتدلية على جبينه كالعرف و التي يرفعها دائما بحركة من رأسه أو بيده الأمر الذي يتحول عنده إلى عادة تلازمه في الكبر حتى بعد الصلع .
هذا الإنسان سريع الحركة , سريع التنقل , يكره الجمود و يبدو كأنه يسير في اتجاه معين أو كأنه يلاحق هدفا ما . لكن حركاته و مشيته تفتقر إجمالا إلى الرشاقة أو الانضباط , و كثيرا ما يتعثر بخطواته أو يقلب الأشياء التي تعترض طريق ذراعيه . و مع ذلك يوحي بأنه رياضي . و هو يعيش في الواقع عيشة الرياضيين إذ يحب الهواء الطلق و ركوب السيارة و الدراجة و الطائرة , ولا يستبعد أن يشترك في سباقات السرعة لولعه بها , كما يحب الحيوانات و خصوصا الكلاب و الجياد . الصراحة صفة أساسية في مولود برج القوس , بل أساس شخصيته , تماما كما هي في برج العقرب , مع فارق كبير وهو أن مولود برج العقرب يعري الحقائق عن عمد و سابق تصميم و معرفة أكيدة بالنتائج بينما يلجأ مولود برج القوس إلى الصدق عن براءة و طيبة و عدم لياقة اجتماعية و جهل تام بالنتائج . لذلك كثيرا ما يشعر بالندم و الأسف إذا نجم عن أفعاله أي ضرر أو أذية . و لكنه يفشل دائما في تطوير أساليبه و يعود المرة تلو المرة إلى صراحته المذهلة مع جميع الناس دون استثناء و دون أي اهتمام بالنتائج المترتبة على مثل ذلك التصرف . و مقابل ذلك يصعب على الكثيرين أن يحقدوا عليه فترة طويلة بسبب شفافيته و براءته و حسن نواياه , فغايته الأساسية هي في الواقع بعث المرح و السلوى في النفوس , و إذا جاءت النتائج عكس المتوقع لا يجوز اتهامه بالخبث لأنه بعيد عنه كل البعد . كل ما يمكن قوله هو أنه طائش يلقي سهامه جزافا فتصيب من تصيب و تخطيء من تخطيء , مع العلم بأنها لا تميت أحدا لخلوها من كل أثر للسموم التي يجهلها مولود برج القوس تماما .
يرمز إلى إنسان برج القوس بالنار و يقال أن لكوكب " المشتري " ( جوبيتر ) تأثيرا كبيرا في مزاجه , الأمر الذي يوضح سبب جرأته و إقدامه و صراحته و حبه للكلام . إذا تعرض أحد لكرامته مثلا رد في الحال معتمدا على لسانه الحاد و قبضته القوية في آن واحد . وهو من النوع الذي يرفض النجدة أو الهرب و قت الشدة و لكنه حالما ينتقم لنفسه يستعيد هدوءه و براءته معا , و لا يتردد في تعويض عدوه مما لحقه منه . هذا و يمكن القول أن أكثر ما يغيظه و يفقده السيطرة على نفسه أن يتهمه البعض بالكذب أو عدم الأمانة .
يتمتع مولود برج القوس بطفولة مستمرة تجعله يرفض الجد في الحياة على الرغم من قبوله القيام بالواجب و المسؤولية على أفضل نحو . و سبب ذلك أن الجد يثقل عليه و يمحو جزءا من سعادته و فرحه الطبيعيين , و كذلك تفعل معه العزلة التي توقعه في مرض حقيقي في بعض الأحيان . لكن صحته ممتازة إجمالا , و كذلك نشاطه و حيويته اللذان يلازمانه حتى آخر عمره . هو يكره المرض على كل حال و يكره المستشفيات و المعالجة الطويلة , و لهذا السبب يشفى بسرعة مذهلة يضمنها أيضا تفاؤله و إيمانه بغد أفضل .
يميل هذا الإنسان إلى الرقص و الغناء و التمثيل , و يهتم بالأمور الدينية في بداية عمره ثم يتحول إلى الشك و قلة الإيمان , ولا يستبعد أن يصبح ملحدا في وقت من الأوقات . و تجري في عروقه دماء المغامرة و المقامرة , و كثيرا ما ينصرف إلى تجربة حظه على المائدة الخضراء أو البورصة أو ميادين السباقات على اختلاف أنواعها . وهو يحب و يسعى دائما إلى الوقوع في التجربة لكنه يخشى الزواج و ينفر منه , و إذا رضخ فبعد تفكير و تردد طويلين . من صفاته الحميدة الكرم و الضيافة و المثابرة و إصابة الهدف . و من عيوبه الإفراط في الطعام و الشراب و إدمان الخمرة أحيانا , و عدم حفظه الأسرار . على الرغم من تمتعه بذاكرة حادة تحفظ أدق التفاصيل ينسى أحيانا المكان الذي يضع فيه معطفه قبل خمس دقائق .
لكن أطرف ما فيه هو تلك الطريقة في سرد النوادر و الفكاهات . فكثيرا ما يتعثر بكلمة أو حركة يضحك لها الآخرون فيشاركهم الضحك بدوره ظنا منه خفة دمه هي التي أطربتهم لا هفواته التي لا يدركها على كل حال . غير أن تلك الطفولة المحببة لا تمنعه من الرد بقسوة و عنف على كل من يحاول مس كرامته أو مبادئه . و هو عندئذ يطلق سهامه بكل ما أوتي من تركيز و مهارة فيصيب الهدف في النقطة التي يريد .
يصور مولود برج القوس – كما هو معلوم – شاكلة مخلوق نصفه إنسان و نصفه الآخر جواد . و المقصود بذلك أنه في ملاحقته لأهدافه يظل دائما في الطليعة . كيف ؟ لا أحد يدري بالضبط . فقد يكون السبب مزاياه العديدة أو حظه الجيد أو الاثنين معا . و إذا شغل عن ذلك اختصر القضية كلها بقوله مازحا أن الحياة " سيرك " , و إنه فيها المهرج الأول .